سورة الصف - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصف)


        


{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى} بالقرآنِ أو المعجزةِ {وَدِينِ الحق} والملّة الحنيفيةِ {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلّهِ} ليُعلِيَه على جميعِ الأديانِ المخالفةِ لهُ ولقد أنجزَ الله عزَّ وعلاَ وعدَهُ حيثُ جعلَهُ بحيثُ لم يبقَ دينٌ من الأديانِ إلا وهُو مغلوبٌ مقهورٌ بدينِ الإسلامِ {وَلَوْ كَرِهَ المشركون} ذلكَ. وقرئ: {هُو الذي أرسلَ نبيَّهُ} {ياأيها الذين ءامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وقرئ: {تنجِّيكُم} بالتشديدِ. وقولُهُ تعالَى: {تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وتجاهدون فِى سَبِيلِ الله بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ} استئنافٌ وقعَ جواباً عما نشأَ مما قبله كأنَّهم قالوا كيفَ نعملُ أو ماذَا نصنعُ فقيلَ تؤمنونَ بالله الخ. وهو خبرٌ في مَعْنى الأمرِ جيءَ بهِ للإيذانِ بوجوبِ الامتثالِ فكأنه قد وقعَ فأخبرَ بوقوعِهِ ويؤيدُهُ قراءةُ من قرأ {ءَامِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ وجاهدوا} وقرئ: {تُؤمِنُوا} و{تُجاهِدُوا} على إضمارِ لامِ الأمرِ {ذلكم} إشارةٌ إلى ما ذكرَ من الإيمانِ والجهادِ بقسميه وما فيه من معنى البعدِ لما مرَّ غيرَ مرةٍ {خَيْرٌ لَّكُمْ} على الإطلاقِ، أو منْ أموالِكُم وأنفسِكُم {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أي أنْ كنتُم من أهلِ العلمِ فإنَّ الجهلةَ لا يعتدُّ بأفعالِهِم، أو إنْ كنتُم تعلمونَ أنَّه خيرٌ لكُم حينئذٍ لأنكُم إذَا علمتُم ذلكَ واعتقدتُموه أحببتُم الإيمانَ والجهادَ فوقَ ما تحبونَ أنفسَكُم وأموالَكُم فتُخلِصونَ وتفلحُونَ {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} جوابٌ للأمرِ المدلولِ عليه بلفظ الخبرِ، أو لشرطٍ أو استفهامٍ دلَّ عليهِ الكلامُ، تقديرُهُ أنْ تؤمنُوا وتُجاهِدوا أو هَلْ تقبلُونَ أن أدلكُم يغفرْ لكُمْ، وجعلُه جواباً لهَلْ أدلكُم بعيدٌ لأنَّ مجردَ الدلالةِ لا يوجبُ المغفرةَ {وَيُدْخِلْكُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار ومساكن طَيّبَةً فِى جنات عَدْنٍ ذَلِكَ} أي ما ذكرَ من المغفرةِ وإدخالِ الجناتِ الموصوفةِ بما ذكرَ من الأوصاف الجليلةِ {الفوز العظيم} الذي لا فوزَ وراءَهُ {وأخرى} ولكُم إلى هذه النعمِ العظيمةِ نعمةٌ أُخرى عاجلةٌ {تُحِبُّونَهَا} وترغبونَ فيهَا، وفيهِ تعريضٌ بأنهم يؤثرونَ العاجلَ على الآجلِ، وقيلَ أُخرى منصوبةٌ بإضمارِ يعطكُمْ، أو تحبونَ، أو مبتدأٌ خبرُهُ {نَصْرٌ مّن الله} وهو عَلى الأولِ بدلٌ، أو بيانٌ، وعلى تقديرِ النصبِ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} أي عاجلٌ، عطفٌ على نصرٌ على الوجوهِ المذكورةِ. وقرئ: {نصراً} {وفتحاً قريباً} على الاختصاصِ، أو على المصدرِ أيْ تُنصرونَ نصراً و{يُفتحُ لكم فَتْحاً}، أو عَلى البدليةِ من أُخرى على تقدير نصبِهَا، أي يعطكُم نعمةً أُخرى نصراً وفتحاً {وَبَشّرِ المؤمنين} عطفٌ على محذوفٍ مثل قُل يا أيُّها الذينَ آمنُوا وبشرْ، وعلى تؤمنونَ فإنَّه في معنى آمِنُوا كأنَّه قيلَ آمِنُوا وجاهِدُوا أيُّها المؤمنونَ وبشرْهُم يا أيُّها الرسولُ بما وعدتَهُم على ذلكَ عاجلاً وآجلاً.


{ياأيها الذين ءامَنُواْ كُونُواْ أنصار الله} وقرئ: {أنصاراً لله} بلاَ إضافةٍ لأن المَعْنَى كونُوا بعضَ أنصارِ الله. وقرئ: {كونُوا أنتُم أنصارَ الله} {كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أنصارى إِلَى الله} أي مَنْ جُندي متوجهاً إلى نصرة الله كما يقتضيهِ قولُهُ تعالى: {قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله} والإضافةُ الأُولى إضافةُ أحدِ المتشاركينِ إلى الآخرِ لما بينهُما من الاختصاصِ، والثانيةُ إضافةُ الفاعلِ إلى المفعولِ، والتشبيهُ باعتبارِ المَعْنَى أي كونُوا أنصارَ الله كما كانَ الحواريونَ أنصارَهُ حينَ قال لهُم عيسى مَن أنصارِي إلى الله أو قُل لَهُم كونُوا كما قالَ عيسى للحواريينَ. والحواريونَ أصفياؤُه وهم أولُ من آمنَ به وكانوا إثني عشرَ رجلاً {فَئَامَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِى إسرايل} أي بعِيسَى وأطاعُوه فيما أمرَهُم به من نصرة الدين {وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ} أُخرى به وقاتلوهم {فَأَيَّدْنَا الذين ءامَنُواْ على عَدُوِّهِمْ} أي قوَّيناهُم بالحجة أو بالسيفِ وذلكَ بعد رفعِ عيسى عليهِ السلامُ {فَأَصْبَحُواْ ظاهرين} غالبينَ.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم «منْ قرأ سورةَ الصفِّ كانَ عيسى مصلياً عليهِ مستغفراً له ما دامَ في الدُّنيا وهُو يومَ القيامةِ رفيقُه».

1 | 2